سمات أساسية للمدرسة الواقعية

استكشاف مميزات المدرسة الواقعية: الموضوعية، أسلوب النثر، وضوح الرؤية، القدرة على التجديد، التركيز على المجتمع والإنسان، والتحرر من القيود.

نظرة عامة على المدرسة الواقعية

ظهرت المدرسة الواقعية كرد فعل على المدرسة الرومانسية في القرن التاسع عشر، وتميزت بعدة سمات جعلتها متميزة في عالم الأدب. وقد سعت هذه المدرسة إلى تقديم صورة صادقة عن الواقع، بعيدًا عن المثالية والأحلام الوردية التي كانت تطرحها المدرسة الرومانسية.

أهمية التجرد والموضوعية

تعتبر الموضوعية حجر الزاوية في المدرسة الواقعية، حيث ترفض الخيال الجامح الذي لا يخدم الواقع. يرى رواد هذه المدرسة أن الأدب الحقيقي هو الذي يسهم في بناء الحياة الإنسانية ويعالج قضاياها بصدق وشفافية. فالهدف ليس مجرد الترفيه، بل تقديم تحليل دقيق للواقع.

الأديب الواقعي هو الذي يواجه الواقع بكل ما فيه من تحديات وصعوبات، ويسعى إلى إيجاد حلول للمشاكل التي يعيشها الناس من خلال كلماته. إنه يرى الحاضر كنقطة انطلاق نحو مستقبل أفضل، ويتحد مع واقعه حتى يتمكن من التأثير فيه بشكل إيجابي. وكأن الشاعر يتحدّ مع واقعه اتحادًا صوفيًا، فيكون والكون شيئًا واحدًا، حتى يتمكن من التأثير بالمحيط، الذي يعيش فيه.[٢]

استخدام النثر كلغة للتعبير

تفضل المدرسة الواقعية النثر على الشعر، انطلاقًا من قناعة بأن النثر أقرب إلى فهم عامة الناس. فالشعر، بطبيعته، يتطلب قدرًا من التأمل والتحليل، بينما النثر يقدم الأفكار بشكل مباشر وواضح. وهذا يجعل الأدب الواقعي أكثر قدرة على الوصول إلى أوسع شريحة من الجمهور.

يعتبر النثر اللغة الأقرب إلى الاستخدام اليومي، مما يجعله وسيلة فعالة للتعبير عن المشاعر والأفكار. وقد اتجه رواد هذه المدرسة إلى المسرحية والقصة كوسائل لنقل رسائلهم والتأثير في المجتمع.

وقد برز في هذا المجال الكاتب الفرنسي إيميل زولا، الذي قدم مجموعة من القصص التي استمدها من التاريخ الفرنسي وعالج من خلالها قضايا اجتماعية هامة.ويبقى النثر الذي يعد أول مادة ألفها الإنسان وهو قريب من اللغة اليومية، التي تُستعمل، لذلك فقد اتجه رواد هذه المدرسة إلى المسرحية والقصة حتى يبثوا من خلالها مشاعر النّاس، ويتمكنوا من الوصول إلى المطلوب بأسهل الطرق.[٣]

جلاء التصور وشفافية الهدف

تعتمد الواقعية الأدبية على وضوح الرؤية، سواء بالنسبة للحاضر أو المستقبل. يجب على الأديب أن يمتلك نظرة شاملة وموضوعية للمجتمع، وأن يكون قادرًا على استشراف المستقبل بناءً على المعطيات المتاحة.

يجب أن يكون كلام الأديب دقيقًا ومستندًا إلى أدلة، بعيدًا عن التكهنات التي لا أساس لها من الصحة. فالأديب الواقعي هو مرآة المجتمع، ويجب أن يتمتع بصفات خاصة مثل الحكمة والفهم ودقة الملاحظة والذكاء. إنّ المنهج الأساسي الذي تقوم عليه الواقعية الأدبية هي وضوح الرؤية، سواء كان ذلك بالنسبة للحاضر، أم بالنسبة للمستقبل، فالمطلوب من الأديب: أن تكون نظرته من الأعلى واضحة موضوعية، محيطة بالمجتمع بأكمله بعيدًا عن الذاتية، ومن ثم ينظر إلى المستقبل بنفس تلك النظرة، بتأمّل الأديب واستشرافه للمستقبل.[٤]

التطور والتجدد الدائم

تتميز المدرسة الواقعية بقدرتها على تمثيل الواقع في أي زمان ومكان، والتجدد باستمرار لتواكب التغيرات التي تحدث في المجتمع. وقد استطاعت هذه المدرسة أن تتجاوز الحدود المكانية والزمانية، لتصبح مرآة للشعوب في مختلف المجتمعات.

إن معاناة الإنسان في تجدد دائم، وبالتالي فإن أدب الواقعية يتجدد باستمرار. إنّ أي مجتمع اختمرت فيه أدوات الجمال يستطيع أن يرى من خلال مرآة الواقعية انعكاسه بمختلف شرائح المجتمع.[٦] وهذا كله منحها القدرة على التجدد، إذ معاناة الإنسان في تجدد دائم باختلاف لأسباب؛ لذلك فإنّ أدب الواقعية نفسه متجدد، بسبب تجدد المحتوى .[٥]

الاهتمام بقضايا المجتمع والإنسان

يعتبر الإنسان القضية المحورية في المدرسة الواقعية، فهو محور الكون الذي تدور حوله القضايا الاجتماعية. يركز الأدب الواقعي على حالة الصراع بين الإنسان وبيئته أو المجتمع الذي يعيش فيه، ويعالج المشاكل الإنسانية مثل الفقر والظلم والتعذيب.

إن الإنسان الذي تدور حوله الواقعية هو الإنسان المظلوم الذي يعاني من مآسي المجتمع، وليس الإنسان العاشق أو المثالي. لقد جعل رواد المدرسة الواقعية مذهبهم الأدبي قائمًا على معالجة المشاكل الإنسانية: من الفقر والظلم والتعذيب الذي يلاقيه الإنسان في حياته، تختلف حالة الإنسان ما بين الحب والحزن والفرح، وبذلك تختلف المشكلات التي تتعرض لها كل حالة.[٦]

الخروج عن المألوف والتحرر من النمطية

تتميز الواقعية بتحررها من القيود والمبادئ الثابتة، حيث تتغير المعطيات بتغير الظروف الاجتماعية. إن المذهب الجامد يؤدي إلى خنق المدرسة الأدبية، بينما الواقعية تعتمد على المرونة والتكيف مع المتغيرات.

محور دراسة الواقعية هو الإنسان والتعبير عن قضاياه، وهذا يتطلب الوقوف معه من أجل إصلاحه وإصلاح المجتمع. وذلك لأنّ محور دراسته هو الإنسان والتعبير عن قضاياه، التي لا بدّ من الوقوف معها، من أجل إصلاح الإنسان أولًا، وإصلاح المجتمع ثانيًا، إنّ المبادئ تؤدي إلى إرهاق العمل الأدبي، بحيث تبقى المدرسة تدور في فلك واحد كالرومانسية التي تبقى دائرة في فلك العشق.[٦]

المصادر

  1. “Literary Devices”,literarydevices, Retrieved 1/10/2021. Edited.
  2. كتاب مدرسي،ملخص دروس اللغة العربية، صفحة 4. بتصرّف.
  3. أبتشفيق بقاعي، سامي هاشم،تحميل كتاب المدارس والانواع الادبية، صفحة 83. بتصرّف.
  4. أبنسيب نشاوي،كتاب مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر، صفحة 323. بتصرّف.
  5. أبعباس خصر،الواقعية في الأدب، صفحة 45. بتصرّف.
  6. أبتثجحخصلاح فضل،منهج الواقعية في الابداع الاْدبي، صفحة 8. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

سمات الأسلوب التقليدي في الفن المرئي

المقال التالي

السمات المميزة للواقعية في الفنون

مقالات مشابهة