مقدمة
التفاعل الكيميائي هو تغيير في التركيب الذري أو الجزيئي للمواد. تتأثر هذه التفاعلات بعدد من العوامل الهامة التي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد سرعة وكفاءة التفاعل. إن فهم هذه العوامل يسمح لنا بالتحكم في العمليات الكيميائية وتحسينها. سنستعرض في هذا المقال أبرز هذه العوامل.
تأثير كثافة المواد الداخلة في التفاعل
تعتبر كثافة المواد الداخلة في التفاعل من أهم العوامل المؤثرة. يزداد معدل التفاعل الكيميائي بزيادة تركيز المواد المتفاعلة. هذا يعني أنه كلما زادت كمية المواد المتفاعلة في حيز معين، زادت احتمالية تصادم الجزيئات وتفاعلها مع بعضها البعض. لتفسير ذلك، يجب فهم مفهوم طاقة التنشيط.
يجب أن تمتلك جزيئات التفاعل طاقة كافية، تساوي أو تزيد عن طاقة التنشيط، لبدء التفاعل. وتُعرَّف طاقة التنشيط بأنها الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لبدء التفاعل. عندما تزداد الكثافة، تزداد فرص التصادم الفعال بين الجزيئات، مما يؤدي إلى زيادة سرعة التفاعل.
وفقًا لنظرية التصادم، فإن زيادة كثافة المواد المتفاعلة تؤدي إلى زيادة عدد التصادمات بين الجزيئات، وبالتالي زيادة كمية الطاقة الناتجة. بالتالي، يزداد معدل التفاعل ويصبح أسرع. على العكس من ذلك، كلما زادت كمية المواد الناتجة عن التفاعل، قل معدل التفاعل بسبب نقص كثافة المواد المتفاعلة.
أثر درجة الحرارة
تتناسب سرعة التفاعل الكيميائي طرديًا مع درجة الحرارة. عندما تزداد درجة حرارة الوسط التفاعلي، تمتص جزيئات المواد المتفاعلة هذه الحرارة، مما يزيد من مستويات الطاقة التي تمتلكها. وبذلك، يصبح عدد الجزيئات التي تمتلك طاقة التنشيط اللازمة للتفاعل أكبر.
الطاقة المكتسبة من الحرارة تؤثر بشكل مباشر على عدد التصادمات التي تحدث بين الجزيئات المتفاعلة، وبالتالي يزداد معدل التفاعل الكيميائي. وقد أظهرت التجارب أن رفع درجة حرارة التفاعل بمقدار 10 درجات مئوية يمكن أن يضاعف سرعة التفاعل الكيميائي بمقدار يصل إلى ثلاثة أضعاف السرعة الأصلية، وينخفض بنفس المقدار عند خفض درجة الحرارة.
تأثير مساحة الاتصال وحالة المواد المتفاعلة
تختلف طبيعة الوسط الذي يحدث فيه التفاعل الكيميائي تبعًا لحالة المواد المتفاعلة. قد يكون الوسط سائلاً، أو صلبًا، أو غازيًا. تتأثر مساحة السطح المتاحة للتفاعل باختلاف الحالة المادية للمتفاعلات. تزداد سرعة التفاعل كلما ازدادت مساحة سطح المواد المتفاعلة.
في حالة المواد الصلبة والسائلة، تتناسب مساحة سطح التلامس طرديًا مع سرعة التفاعل الكيميائي. كلما زادت مساحة سطح المواد المتفاعلة، زادت فرص التصادم بين جزيئاتها، وبالتالي زيادة الطاقة الناتجة. الجزيئات المحصورة داخل المادة الصلبة، على سبيل المثال، لا تستطيع المشاركة في التفاعل.
دور المواد المساعدة (المحفزات)
المحفزات هي مواد تُضاف إلى وسط التفاعل لتقليل طاقة التنشيط وزيادة سرعة التفاعل دون أن تُستهلك في العملية، أي دون أن تشارك فعليًا في التفاعل. وجود المحفزات يتناسب طرديًا مع معدل سرعة التفاعل الكيميائي.
تزيد المواد المحفزة من سرعة التفاعل في الاتجاهين الأمامي والعكسي. تعمل هذه المواد عن طريق زيادة عدد التصادمات بين المواد المتفاعلة، وتغيير اتجاه التصادمات بحيث تصبح أكثر فعالية، وتقليل قوة الروابط بين جزيئات المواد المتفاعلة، وتوفير سطح لحدوث التفاعل الكيميائي.
تأثير حجم حبيبات المواد المتفاعلة
يتناسب حجم المواد المتفاعلة عكسيًا مع سرعة التفاعل الكيميائي. زيادة الحجم تعني تقليل مساحة سطح التلامس. إذا تم تقسيم جزيء كبير إلى جزيئات أصغر، فإن مساحة التفاعل ستكون أكبر، وبالتالي سيكون التفاعل الكيميائي أسرع.
تأثير الضغط
تؤدي زيادة الضغط على الجزيئات الغازية المشاركة في التفاعل إلى زيادة سرعة التفاعل. يعود ذلك إلى أن الضغط يقلل حجم الجزيئات دون تغيير عددها. العلاقة بين الضغط وحجم الجزيئات الغازية هي علاقة عكسية، وتقليل الحجم يعني زيادة تركيز الغاز.
بالتالي، يزداد عدد التصادمات بين جزيئات الغاز، مما يزيد من سرعة التفاعل الكيميائي.
أثر المزج بين المواد المتفاعلة
يتناسب معدل خلط المواد المتفاعلة طرديًا مع سرعة التفاعل الكيميائي. عندما يتم خلط المواد المتفاعلة بشكل أفضل، تزداد قدرتها على التفاعل. على سبيل المثال، تحريك السكر في كوب من الماء يزيد من سرعة ذوبانه.
الروابط الكيميائية بين المواد المتفاعلة
يتناسب مقدار قوة الروابط الكيميائية بين المواد المتفاعلة عكسيًا مع سرعة التفاعل. كسر الروابط الكيميائية بين المواد يحتاج إلى طاقة، وإذا كانت هذه الروابط قوية، فإن ذلك يعني الحاجة إلى المزيد من الطاقة لكسرها، وهذا يبطئ من سرعة التفاعل الكيميائي.
على سبيل المثال، إذا كانت الروابط بين جزيئات المواد المتفاعلة روابط تساهمية، فإن هذا النوع من الروابط قوي ويحتاج إلى طاقة كبيرة لكسره، وبالتالي سيكون التفاعل الكيميائي بطيئًا نسبيًا.
قال تعالى: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا
” (طه: 114). وقوله صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة
“. رواه الترمذي.